ما هي شروط استجابة الدعاء ؟
الأول : الطهارة :
من آداب الدعاء أن يكون الداعي على
وضوء ، سيَّما إذا أراد الدعاء عقيب الصلاة ، فقد رَوَى مسمع عن الإمام الصادق (
عليه السلام ) أنه قال
:
( يا مسمع ، ما يمنع
أحدكم إذا دخل عليه غَمٌّ من غموم الدنيا أن يتوضأ ، ثم يدخل مسجده ، فيركع ركعتين
فيدعو الله فيهما ؟ ) .
الثاني : الصدقة ، وشمُّ الطيب ،
والذهاب إلى المسجد :
روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام )
أنه قال :
( كان أبي إذا طلب
الحاجة .. قدَّم شيئاً فتصدق به ، وشمَّ شيئاً من طيب ، وراح إلى المسجد ) .
الثالث : الصلاة :
ويستحب أن يصلي الداعي ركعتين قبل أن
يشرع بالدعاء ، فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( من توضأ فأحسن الوضوء
، ثم صلى ركعتين ، فأتمَّ ركوعهما وسجودهما ، ثم سلَّم وأثنى على الله عزَّ وجل
وعلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم سأل حاجته فقد طلب الخير في مظانّه ،
ومن طلب الخير في مظانّه لم يخب
) .
الرابع : البسملة :
ومن آداب الدعاء أن يبدأ الداعي دعاءه
بالبسملة ، لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا يُرَدُّ دعاءٌ أوَّله
بسم الله الرحمن الرحيم
) .
الخامس : الثناء على الله تعالى :
ينبغي للداعي إذا أراد أن يسأل ربه
شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة أن يحمد الله ويثني عليه ، ويشكر ألطافه ونعمه قبل
أن يشرع في الدعاء .
يقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
( الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره ، وسبباً للمزيد من فضله ) .
السادس : الدعاء بالأسماء الحسنى : على
الداعي أن يدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى ، لقوله تعالى :
(( وللهِ الأَسمَاءُ
الحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا )) [ الأعراف : 180 ] .
وقوله تعالى : (( قُلِ ادعُوا اللهَ
أَوِ ادعُوا الرَّحمَنَ أَيّاً مَّا تَدعُوا فَلَهُ الأَسمَاءُ الحُسنَى )) [
الإسراء : 110 ] .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
( لله عزوجل تسعة
وتسعون اسماً ، من دعا الله بها استجيب له ) .
السابع : الصلاة على النبي وآله (
عليهم السلام ) :
لابد للداعي أن يصلي على محمد وآله (
عليهم السلام ) بعد الحمد والثناء على الله سبحانه ، وهي تؤكد الولاء لرسول الله (
صلى الله عليه وآله ) ولأهل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) الذي هو في امتداد
الولاء لله تعالى ، لذا فهي من أهم الوسائل في صعود الأعمال واستجابة الدعاء .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
( لا يزال الدعاء
محجوباً ، حتى يصلى عليَّ وعلى أهل بيتي ) .
الثامن : التوسل بمحمد وأهل بيته (
عليهم السلام ) :
وينبغي للداعي أن يلج من الأبواب التي
أمر الله تعالى بها ، وأهل البيت ( عليهم السلام ) هم سفن النجاة لهذه الأمَّة .
فحريٌّ بمن دعا الله تعالى أن يتوسل
إلى الله بهم ( عليهم السلام ) ، ويسأله بحقهم ، ويقدمهم بين يدي حوائجه .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
: ( الأوصياء مني بهم تُنصر أُمتي ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع الله عنهم ، وبهم
استجاب دعاءهم ) .
التاسع : الإقرار بالذنوب :
وعلى الداعي أن يعترف بذنوبه مقراً ،
مذعناً ، تائباً عمَّا اقترفه من خطايا ، وما ارتكبه من ذنوب .
فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( إنما هي مدحة ، ثم الثناء ، ثم الإقرار بالذنب ، ثم المسألة ، إنه والله ما خرج
عبد من ذنب إلا بالإقرار
) .
العاشر : المسألة :
وينبغي للداعي أن يذكر - بعد الثناء
على الله تعالى والصلاة على النبي وآله ( عليهم السلام ) والإقرار بالذنب - ما
يريد من خير الدنيا والآخرة ، وأن لا يستكثر مطلوبه ، لأنه يطلب من ربِّ السموات
والأرض الذي لا يعجزه شيء ، ولا تنفد خزائن رحمته التي وسعت كل شيء .
الحادي عشر : معرفة الله ، وحسن الظن
به سبحانه :
وهذا يعني أن من دعا الله تعالى يجب أن
يكون عارفاً به وبصفاته
.
فعلى الداعي أن يوقن برحمة الله
اللامتناهية ، وبأنه سبحانه لا يمنع أحداً من فيض نعمته ، وأن باب رحمته لا يغلق
أبداً .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
: ( قال الله عزَّ وجل : من سألني وهو يعلم أني أضرُّ وأنفع ، استجبت له ) .
وقيل للاِمام الصادق ( عليه السلام ) :
ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟!
قال ( عليه السلام ) : ( لأنكم تدعون
من لا تعرفونه ) .
الثاني عشر : العمل بما تقتضيه المعرفة
: على الداعي أن يعمل بما تقتضيه المعرفة لخالقه ، بأن يفي بعهد الله ، ويطيع
أوامره ، وهما من أهم الشروط في استجابة الدعاء .
قال رجل للإمام الصادق ( عليه السلام )
: جعلت فداك ، إن الله يقول : (( ادعُونِي استَجِب لَكُم )) وإنَّا ندعو فلا
يُستجاب لنا ؟!
قال ( عليه السلام ) : ( لأنكم لا
توفون بعهد الله ، لو وفيتم لوفى الله لكم ) .
الثالث عشر : الإقبال على الله :
من أهم آداب الدعاء هو أن يقبل الداعي
على الله سبحانه بقلبه ، وعواطفه ، ووجوده ، وأن لا يدعو بلسانه ، وقلبه مشغول
بشؤون الدنيا .
فهناك اختلاف كبير بين مجرد قراءة
الدعاء ، وبين الدعاء الحقيقي الذي ينسجم فيه اللسان انسجاماً تاماً مع القلب ،
فَتَهتَزُّ له الروح ، وتحصل فيه الحاجة في قلب الإنسان ومشاعره .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (
إن الله عزَّ وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلبٍ ساهٍ . فإذا دعوت ، فأقبل بقلبك ، ثم
استيقن بالإجابة ) .
الرابع عشر : الاضطرار إلى الله سبحانه :
لابد للداعي أن يتوجه إلى الله تعالى
توجه المضطر الذي لا يرجو غيره ، وأن يرجع في كلِّ حوائجه إلى ربه ، ولا ينزلها
بغيره من الأسباب العادية التي لا تملك ضراً ولا نفعاً .
فإذا لجأ الداعي إلى ربه بقلب سليم ،
وكان دعاؤه حقيقياً صادقاً جاداً ، وكان مدعوُّه ربَّه وحده لا شريك له ، تحقق
الانقطاع الصادق بالاضطرار الحقيقي إلى الله تعالى الذي هو شرط في قبول الدعاء .
الخامس عشر : تسمية الحوائج :
إن الله تعالى محيط بعباده ، يعلم
حالهم وحاجاتهم ، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ، ولكنه سبحانه يحبُّ أن تُبثُّ
إليه الحوائج ، وتُسمَّى بين يديه تعالى ، وذلك كي يُقبل الداعي إلى ربه ، محتاجاً
إلى كرمه ، فقيراً إلى لطفه ومغفرته
.
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (
أن الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، لكنه يحبُّ أن تُبثّ إليه
الحوائج ، فإذا دعوت فسمِّ حاجتك
) .
السادس عشر : ترقيق القلب :
ويستحب الدعاء عند استشعار رقة القلب
وحالة الخشية التي تنتابه بذكر الموت ، والبرزخ ، ومنازل الآخرة ، وأهوال يوم
المحشر ، وذلك لأن رقَّة القلب سبب في الإخلاص المؤدي إلى القرب من رحمة الله
وفضله .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
: ( اغتنموا الدعاء عند الرقة ، فإنها رحمة ) .
السابع عشر : البكاء والتباكي :
خير الدعاء ما هيجه الوجد والأحزان ،
وانتهى بالعبد إلى البكاء من خشية الله ، الذي هو سيد آداب الدعاء وذروتها ، ذلك
لأن الدمعة لسان المذنب الذي يفصح عن توبته وخشوعه وانقطاعه إلى بارئه . والدمعة
سفير رِقَّةِ القلب الذي يؤذن بالإخلاص والقرب من رحاب الله تعالى .
فقال الإمام الصادق ( عليه السلام )
لأبي بصير :
( إن خفتَ إمراً يكون
أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله ومَجِّدهُ واثنِ عليه كما هو أهله ، وصلِّ على النبي
( صلى الله عليه وآله ) ، وَسَل حاجتَكَ ، وتباكَ ولو مثل رأس الذباب . إن أبي كان
يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الرب عزَّ وجل وهو ساجد باكٍ ) .
الثامن عشر : العموم في الدعاء :
ومن آداب الدعاء أن لا يخصَّ الداعي
نفسه بالدعاء ، بل يذكر إخوانه المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات .
وهذا من أهم آداب الدعاء ، لأنه يدل
على التضامن ونشر المودَّة والمحبة بين المؤمنين ، وإزالة أسباب الضغينة والاختلاف
فيما بينهم . وذلك من منازل الرحمة الإلهية ، ومن أقوى الأسباب في استجابة الدعاء
، فضلاً عن ثوابه الجزيل للداعي والمدعو له .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
: ( إذا دعا أحدكم فليعمُّ ، فإنه أوجب للدعاء ) .
التاسع عشر : التضرع ومدُّ اليدين :
ومن آداب الدعاء إظهار التضرع والخشوع
، فقد قال تعالى : (( وَاذكُر رَبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً )) [
الأعراف : 205 ] .
وقد ذمَّ الله تعالى الذين لا يتضرعون
إليه ، في قوله تعالى : (( وَلَقَد أَخَذنَاهُم بِالعَذَابِ فَمَا استَكَانُوا
لِرَبِّهِم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )) [ المؤمنون : 76 ] .
وعن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا
جعفر ( عليه السلام ) عن قول الله عزَّ وجل : (( فَمَا استَكَانُوا لِرَبِّهِم
وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )) فقال ( عليه السلام ) :
( الاستكانة هي الخضوع
، والتضرُّع هو رفع اليدين والتضرُّع بهما ) .
العشرون : الإسرار بالدعاء : فيستحب أن
يدعو الاِنسان خُفية ليبتعد عن مظاهر الرياء التي تمحق الأعمال وتجعلها هباءً
منثوراً .
فقال تعالى : (( ادعُوا ربَّكُم
تَضَرُّعاً وَخُفيَةً )) [ الأعراف : 55 ] .
وقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : (
دعوة العبد سِراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية ) .
الواحد والعشرون : التَرَيُّث
بالدُّعاءِ :
ومن آداب الدعاء أن لا يستعجل الداعي
في الدعاء ، بل يدعو مترسلاً ، وذلك لأن العجلة تنافي حالة الإقبال والتوجه إلى
الله تعالى ، وما يلزم ذلك من التضرُّع والرقة . كما أن العجلة قد تؤدي إلى ارتباك
في صورة الدعاء ، أو نسيان لبعض أجزائه
.
الثاني والعشرون : عدم القنوط :
وعلى الداعي أن لا يقنط من رحمة الله ،
ولا يستبطىء الإجابة فيترك الدعاء ، لأن ذلك من الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء .
وهو بذلك أشبه بالزارع الذي بذر بذراً
، فجعل يتعاهده ويرعاه ، فلما استبطأ كماله وإدراكه ، تركه وأهمله
فعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق (
عليه السلام ) أنه قال
:
( لا يزال المؤمن بخير
ورجاء رحمة من الله عزَّ وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء ) ، فقلتُ : كيف
يستعجل ؟ قال ( عليه السلام ) : ( يقول قد دعوت منذ كذا وكذا ، وما أرى الاِجابة ) .
الثالث والعشرون : الإلحاح بالدعاء :
وعلى الداعي أن يواظب على الدعاء
والمسألة في حال الاِجابة وعدمها ، لأن ترك الدعاء مع الإجابة من الجفاء الذي
ذَمَّهُ تعالى في محكم كتابه بقوله
:
(( وَإِذَا مَسَّ
الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعمَةً
مِنهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدعُو إِلَيهِ مِن قَبلُ )) [ الزمر : 8 ] .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام )
لرجل يَعِظُهُ :
( لا تكن ممن إن أصابه
بلاء دعا مضطراً ، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً ) .
الرابع والعشرون : التَقَدُّم في
الدعاء :
ومن آداب الدعاء أن يدعو العبد في
الرخاء على نحو دعائه في الشدة ، لما في ذلك من الثقة بالله ، والانقطاع إليه ،
ولفضله في دفع البلاء ، واستجابة الدعاء عند الشدة .
فقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( من سَرَّهُ أن
يُستجابَ له في الشدة ، فليكثر الدعاء في الرخاء ) .
الخامس والعشرون : التَخَتُّم بالعقيق
والفَيرُوزَج :
ويستحب في الدعاء لبس خاتم من عقيق أو
من فيروزج ، وذلك لقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ما رُفِعَت كفٌّ إلى
الله عزَّ وجل أحبُّ إليه من كفٍّ فيها عقيق ) .
ولقوله ( عليه السلام ) : قال رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) : قال الله عزَّ وجل : ( إني لأستحي من عبدٍ يرفع
يدَه وفيها خاتم فيروزج فأَرُدَّهَا خائبة )
Tidak ada komentar:
Posting Komentar